الاثنين، 30 مايو 2016

زياد عبد الفتاح .. من شمس رام الله إلى مجهول غزة _ كتب سامى ابوعون

زياد عبد الفتاح .. من شمس رام الله إلى مجهول غزة
الحياة الثقافية / سامي أبو عون


- الأديب الفلسطيني زياد عبد
الفتاح ينتقل من مشهد الحال
إلي حال أخر مع بعض الاختلاف
الواقعي ، من رام الله حيث الشمس
المبهجة إلي غزة حيث المجهول ،
الإعلامي والمسؤول الذي لعقود
طويلة احترف اللغة وسكنها مبدعًا
ومناض ً لا، هو السالك منحاه
المعرفي إلى حقول الرؤى حيث
نصفه الأخر من جسد الوطن الذي
يجري فينا كنبت الدم، يعود حيث
طين أرض يعشقها، ليس مقاتلا
كما قال، ولكن إعلاميا ومثقفا
ملتزم ، لم يكن بقصد أو بعمدية
المثقف والمبدع الذي يزيح مشهد
الموت من مسرح وعيه ليؤكد
حقيقة الشجاعة الإنسانية حتى
يأتي للهنا حيث غزة ، لكنها روحه
المأخوذة بالأفق وحب المدى في
هذا الطين كانت تشده كرياح
بحر عاتية، وأدوات قتاله التي
يدفع بها يد الموت عن صدر الحياة
ووجه غزة ، لغته الأدبية وحسه
الإنساني ، ورغم تحذير أصدقائه
الذين اخبروه أن لا يذهب لمدينة
غزة لأسباب أمنية وحرب قد
بدت تلوح في الأفق ، إلا أنها
روح المبدع أخدته دونما خوف أو
وجل لينهض صباح اليوم التالي،
ويعتلي أخفاف السبيل ويمضي
، معه روحه الطاهرة هائمة حيث
مجهول غزة ، ليرصد بقلمه الشاهد
وبفيروز الدم المائج ببحر الشهداء
ويصحو ليشكو العابرين في أكفان
الرؤى والأيام تجري فينا حياة ،
ونسابق الموت في غزة والموت
فيها يتسرسب الوطن ، وطن كماء
الظمى فينا ، الأديب زياد يشحن
الهمم باستيقاد دورة الإرادة ، حيث
تطعيم الرؤى بفاتورة الفلسطيني
المثقلة بالوجع ويلتحق بقاطرة
وجع شعبه في غزة ويدفع أنياب
الغازي، بكف يد بيضاء تأخذ سلاحها
من اللغة وفطرة وجودنا الإنساني
، ليأتي زياد عبد الفتاح الحرب من
دار البداهة الإنسانية والحق في
الحياة ، ويؤرخ ما عايشه ورآه علي
امتداد واحد وخمسين يوما من
أصعب أيام الحياة كما روي لنا ، أثناء
مناقشة مجموعاته القصصية،
(البحر يغضب) وهو الذي عايش
حروب كثيرة كفلسطيني مناضل
أو هو الفلسطيني الذي لا يحسد
علي ما هو فيه ، كتب ما رأي وأنتج
إنتاجا حقيقي الاحتساس ،وعايش
المماهاة ليتمرد علي رؤية اللحظة،
وكأن شيئا لم يكن وهو الذي يخرج
عن سرب الرؤية الواقعية ، ويحوم
بعيدا في سمائه ليأتي بكشف
الحس الواقعي وتبصر الأشياء ،
كشاهد حقيقي و كحلم الصحو
في إدراك التو ، فأخد منحي المبدع
الواعي والمدرك ببصيرة العائد
من رام الله إلي غزة، ليروي ظمأ
الاستغراب من فيروز السؤال و
من البحر الذي يغضب من قلة
المريدين، البحر خمسون يوما
وساعات طويلة، كان منشغلا في
وداع دماء الشهداء والمبدع زياد
له ضمن محطات حياته البعيدة
التي عايشها عشق أسطوري لبحر
غزة ، غزة العنيدة التي تأن علي
صدر الجراح ، الحول والمدى يقول
فيها وهو يقول إن البحر يغضب
الآن ، ومن عقل يفزع من صور
الخراب واحتضار الحياة ، ومن ذات
العقل لا يمكن لهذا الأديب القادم
من صيف الهدوء النسبي هناك
في رام الله إلي صيف القنابل في
غزة إلا أن مقاتلا بأدوات الحياة
ومن اجلها ، إضافة جميلة علي
حياة غزة ولا تحتمل في روح زياد
عبد الفتاح سواد الموت والخراب
فكانت المجموعة القصصية (
البحر يغضب) غنية وتثري حقيقة
تاريخ في أدب القضية والشعب
و للسالك منحي الإدراك وسبل
الشاهد والقلم معرفة كونية في
أسلوبه المبدع، عرفان الذي نطق
كلامهم ولم يلتق سوى حقهم
في الحياة ، فكان المقاتل الذي
أبدع علي امتداد واحد وخمسين
يوما صورة غزة وبحرها وجسد
واقع البلد في الحرب وفي الصبر
الذي كان زاد وزهد القاطنين هنا
، ويعرفهم الأديب زياد عبد الفتاح
ويلتقط جرحهم الاخد في الاتساع
، وحين تجلت له غزة كانت ، أرضها
، و بحرها، و سماؤها ترتل ملح
الفقد علي بيوت ساجدات القوام،
وعلى الإنسان في زوايا الحياة
ضلاله الجرح النازف ، ورغم ذلك
كان بحرها الذي يحرسها ويلتف
جيدا حولها ، رغم الريح الآتية التي
تبحث عن موطئ في جذوع خاوية ،
لكنها غزة تبقي لابسة ثوب العناد
واخفاف البقاء وتخرج من أكوام
الجراح لتطهرها شمس الشهداء،
ويقول كلامها البحر الذي يغضب.

0 التعليقات:

إرسال تعليق